«يد الحناء»، هو آخر ألبوم أبدعه أبناء مراكش الأربعة. وهذا الألبوم يحيل على التقاليد البصرية المغربية. فالحناء ليست فقط مادة للتزين، بل مرجعا عضويا لقرون من فن التشكيل الذي وسم تاريخ المغرب الرمزي. تقنيات تناقلتها النساء وأبدعن في رسومها وأشكالها. وإذا كان المغاربة لم ينتبهوا إلى ثراء هذه المادة التشكيلية إلا بعد أن استولى النجوم الغربيون عليها خلال زياراتهم لمدينة مراكش، وأخذوا يزينون بها مختلف أعضاء أجسادهم. وهكذا اكتشف الشباب المغربي المغنية الأمريكية الشهيرة مادونا وهي تزين يديها بحناء مراكش وأشكالها المغربية البربرية في إحدى أغنياتها المصورة الشهيرة. الحناء إذن اعتبرتها الفرقة عنوانا لتجربتها الموسيقية الأصيلة. فهي التراث والحداثة، اليد والعين، الماضي والمستقبل. ولهذا صنفت فرقة «فناير» الراب الذي تستعمله بالراب «التقليدي». وفي ذلك قطيعة معلنة مع التقليد والتكرار اللذين كانا يهيمنان على الراب المغربي في بداياته الأولى
ما يميز أسلوب خليفة، أشرف، خليل ومحسن هو توظيف لغة عربية مغربية بسيطة وغنية بالصور. كما أنهم يستعملون السخرية والأمثال الشعبية والعبارات المغربية المسكوكة في بناء نصوص تتحدث عن واقع الشباب من حب وضيق ذات اليد وانسداد الآفاق وأحلام الغد. وما هذا الأخير المتنوع الأساليب سوى تجربة إضافية إلى التراكم الذي بدأ يحققه الراب المغربي على المستويين المغربي والأوروبي. فهؤلاء الشباب الذين لم يكن يهتم بهم أحد منذ بضع سنوات، أصبحوا اليوم نجوما تتهافت عليهم القنوات التلفزيونية وجمعيات المجتمع المدني، لأن الشباب المغربي اليوم لا ينتبه إلا لهذا النوع من الغناء. والحدث الذي أثار جدالا السنة الماضية، تمثل في دعوة «حزب الاتحاد الاشتراكي» لمغني الراب المعروف بيغ أو «الخاسر» لافتتاح أحد مؤتمرات شبيبته. وهو ما أثار جدلا في هذا الحزب التقدمي وفي المجتمع المدني حول ضرورة استدعاء مغني راب يستعملون كلاما نابيا في نصوصهم. وإذا كان الاتحاد الاشتراكي، يستدعي إلى لقاءاته فرقا شهيرة في السابق مثل «ناس الغيوان»، فإنه اليوم غير استراتيجيته لجلب المزيد من الشباب. والسؤال الذي يطرح في هذا السياق: هل المسألة مرتبطة بإنصات حقيقي إلى المجتمع أم بخطة تجارية لتسويق ثقافة حزبية لم تعد تهم أحدا؟ الجواب معروف
-يتبع-